السبت، نوفمبر ١٥، ٢٠٠٨

كيف يقود الله خطواتنا



السلام عليكم

 

بالأمس كنت أشاهد برنامج على قناة الحافظ وكان الشيخ –مقدم البرنامج- مستضيفا لطبيب يتحدث عن تجربته مع الحجامة –وهى أسلوب العلاج النبوى والذى يدخل فى دائرة الطب البديل- كطبيب معالج بالحجامة ... حكى الطبيب تجربته فى قصة طويلة أذكر منها الجزء الهام فقط الذى أريده للخروج بالشاهد من القصة.

 

يقول الطبيب:

كنت اعمل بالمملكة العربية السعودية عندما جاء لى مريض يشكو من ألم ... وعند كشفى عليه الكشف الروتينى وجدت آثار تشريط مشرط ... سألته عن ذلك قال لى إنها من آثار الحجامة ... سألته وما الحجامة؟ صاح فى قائلا "مش عيب يادكتور اسمك على رمضان ومطلق لحيتك ولا تعلم ماهى الحجامة؟" ثم مضى ... وفى يوم آخر جاء مريض آخر للطبيب وقال له "إنى فى شدة المرض وقد جربت كل الأطباء وكل الأدوية وما نفع منها شئ وأنا أريدك أن تقوم بعمل حجامة لى" قال الطبيب "وما الحجامة ... أنا لا أعرف ماهى ولم أقم بها من قبل" رد عليه المريض "لا تقلق ... الأمر بسيط جدا وقد أحضرت معى الأدوات اللازمة وسوف أقول لك بالظبط ماتفعل" وأخذ المريض يشرح للطبيب خطوات الحجامة بالظبط –والتى هى بسيطة جدا- ثم يشرع الطبيب ينفذ ما قاله له المريض حتى انتهى وذهب المريض وبعد ساعات اتصل به المريض وشكره جدا وقال له إن الألم قد زال.

 

هنا قال الطبيب لمقدم البرنامج "وقد شعرت أن الله يريد أن يوجهنى للحجامة بهاتين القصتين" ثم يكمل الطبيب قصته ويصبح أول طبيب يعالج بالحجامة فى المملكة ويستخدم الأدوات الحديثة ويقوم بغمل دكتوراه فى الحجامة فى جامعات اوروبية.

 

الشاهد من القصة هو كيف يقود الله خطوات الإنسان لتحقيق مايريده الله منه والذى هو خير قطعا ... انظر كيف بعث الله للطبيب بالمريض الأول وكيف نهره بقوة عندما سأله عن الحجامة وكأن الله يريد أن يوقظ هذا الطبيب بصدمة قوية وليس مجرد مناقشة هادئة قد يزول أثرها بعدها ... ثم كيف يمهد الله أمر الحجامة للطبيب بالمريض الأول الذى لايطلب الحجامة ولكن يخبر الطبيب بها فقط ثم يطلب المريض الثانى الحجامة ... كل هذا ليس إلا قيادة الله لخطوات الانسان فى الدنيا ... وهذا يذكرنى بقصتين يظهر فيهما جليا هذا الامر أسردهما مجملتين:

 

الأولى قصة سيدنا سلمان الفارسى ... والتى قاد الله خطواته فيها –وقد كان مجوسيا موغل فى المجوسية- ليمر من أمام كنيسة –قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم- لأناس يعبدون الله فيتأثر بهم ثم يدخل فى النصرانية ويظل يتنقل من بلد لآخر بحثا عن العباد العلماء ليلتحق بهم ... الى أن يوصيه آخر عالم التحق به أن يلتحق بنبى آخر الزمان والذى يظهر فى أرض العرب ... ويعرض سيدنا سلمان على تجار عرب أن يصحبوه فى مقابل كل ماله فيقبلون ... وفى الطريق يغدرون به ويبيعونه عبدا لرجل يهودى من أهل المدينة!!! سيدنا سلمان لم يكن يعرف المدينة التى سيظهر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه يعرفها وصفا ... فبدلا من أن يتركه الله يبحث طويلا فى كل بلاد العرب ... يقود الله خطواته بطريق مؤلم نعم –طريق العبودية- ولكنه أقصر طريق للهدف المنشود ... ويلتحق سيدنا سلمان بالنبى صلى الله عليه وسلم ويصبح من آل بيته بقول النبى صلى الله عليه وسلم "سلمان منا آل البيت"

 

القصة الثانية ... قصة سيدنا يوسف عليه السلام ... وكيف قاد الله خطواته وخطوات أخوته ليُنفذ ما أراد من إكرام سيدنا يوسف.

 

وهذه القصص لا تحدث للصالحين فقط ... ولكنها تحدث لكل الناس لأن الله رحيم بعباده كلهم المؤمن والكافر ... الصالح والعاصى ... ولكن من الناس من يفهم عن الله ... ومنهم من يغفل ولا ينظر إلى آثار رحمة الله كيف يحى الأرض بعد موتها وكيف يقود الناس لحياة قلوبهم ... ولهذا تجد سيدنا يوسف فى آخر القصة يقول "وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين اخوتى إن ربى لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم" ... ولهذا تجد سيدنا سلمان عندما عاد لبلاده –بلاد فارس- بعد أن فتحها الإسلام ويلتف حوله قومه يطلبون منه أن يحكى لهم قصته فيقرأ عليهم سورة يوسف فى إشارة إلى الأمر المشترك بين سيدنا يوسف وسيدنا سلمان من اقتياد الله لخطوات كليهما للخير والرشاد ... وأيضا ماقاله الطبيب عندما فال "شعرت أن الله يريدنى أن أقدم على الحجامة بعد حادثتى المريضين"

 

لهذا ... وجب على كل مسلم بل على كل إنسان أن يتفكر فى تصريف الله لشئون حياته ... ويعلم أن ما أراده الله هو الخير له وإن لم يكن يرى فيه خيرا.


أختم بكلمة للشيخ عائض القرنى كتبها فى كتابه الشهير "لا تحزن" أرسلت لى بالامس فى رسالة:

"عسى تأخيرك عن سفر خيرا، وعسى حرمانك من زوجة بركة، وعسى ردك عن وظيفة مصلحة، لأنه يعلم وأنت لا تعلم." "إذا أقامك الله فى حالة فلا تطلب غيرها لأنه عليم بك، فإن أفقرك فلا تقل ليته أغنانى، وإن امرضك فلا تقل ليته شفانى"

 السلام عليكم

هناك تعليقان (٢):

أحمد المسلم يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نعم يا أخي الله يعلم ونحن لا نعلم ، فهو الحكيم فلا يفعل شيئا إلا إن كانت الحكمة تقتضيه ، وهو عالم الغيب ، فيعرف سبحانه أين يكون الخير لنا .

اللهم إجعلنا راضين بقضائك وقدرك ، والسلام ختام .

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله لا قوة إلا بالله
بارك الله فيك

جزاك الله خيرا على الموضوع الممتاز، وجاء في وقته "بجد"
الحمد لله على كل حال.. اللهم ارزقنا جميعا الرضا بالقضاء والقدر