الجمعة، فبراير ١٥، ٢٠٠٨

أُمـرت أن أقـاتـل النــاس

السلام عليكم

حديث صحيح للنبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) يقول فيه:

{ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها }

طالما حاولت فهمه ولكنى عجزت عن فهمه الفهم الصحيح ... وآخر ماوصل إليه عقلى -القاصر- هو أن قتال النبى الكريم للأعداء يتوقف عند نطقهم بالشهادة –كأنه إقرار للواقع بعدم جواز قتال المسلم إلا فى حالات قليلة جداً- وليس الهدف من القتال هو حمل الناس على الدخول فى الإسلام قصرا ... ويؤيد ذلك الكثير من الآيات القرأنية الدالة على ترك حرية الإعتقاد للإنسان ... ولكنى لم أتوسع فى البحث عن تفسير الحديث –وهذا تقصيراً أقر به- ... وبينما كنت اقرأ فى كتاب للشيخ "محمد الغزالى" بعنوان "علل و أدوية" -وهو مقسم لمقالات كل مقال من صفحتين إلى اربعة أو خمسة صفحات- وجدت مقالا يتناول هذا الحديث بالبحث والتفسير ... فأردت أن أشارككم إياه مشدداً على معناً هاماً:

لا يستقيم الخوض فى القرآن والأحاديث -بغير علم- محاولين الحكم على الأحكام –بعقولنا القاصرة- ولكن نقول سمعنا وأطعنا –ولو لم نقتنع- ثم نحاول جادين فى البحث عن العلة من الحكم ... فإن وجدناها حمدنا الله ... وإن لم نجدها نَقُلْ سمعنا وأطعنا ليس من باب التسليم اللاواعى ... ولكن من باب البناء العقلى المتسلسل للنتائج على الأسباب ... فخالق هذا الكون العظيم أعظم من أن ندرك جميع حكمته فى خلقه بعقولنا القاصرة والذى لازال العلماء منذ بدء الحضارة حتى الأن يحاولون معرفة حكمة الله فى خلقه –أقصد العقل الإنسانى- ولم يتوصلوا -إلى الأن- إلا إلى القليل عنه ... سبحان الله.

والأن أترككم مع كلام الشيخ:

================

حديث يعطي معناه للوهلة الأولى حكماً لم يقل به الفقهاء، ومن ثم فإن قبوله مطلقاً أو رفضه مطلقاً لا يجوز ! والواجب استبانة معناه الحقيقي كما قرره الراسخون في العلم.

والحديث من رواية البخاري: { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها }.. مصدر الخطأ في الفهم كلمة "أقاتل الناس" تعني البشر كلهم!

وهذا غلط بإجمع العلماء، فإنهم اتفقوا على أن الحديث لا يتناول أهل الكتاب من يهود ونصارى.

لماذا؟ لأن المعتدين من هؤلاء إذا ضربت الحرب بيننا وبينهم ونسوامنطق الإيمان والحلال والحرام في تصديهم لنا، لم نقاتلهم حتى ينطقوا بالشهادتين، بل إذا كسر الله شوكتهم، بقوا على أديانهم، وجردناهم من أسلحة العدوان وتولينا نحن الدفاع عنهم إذا هاجمهم أحد.

وعليهم- والحالة هذه- أن يسهموا في نفقات الحرب.

وهذا- ما أبانته سورة براءة:

{ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [سورة التوبة، الآية 29]

فليست الغاية من القتال إذن أن يقولوا: لا إله إلا الله، كما جاء في الحديث.

فإذا كان كان أهل الكتاب مستثنين من الحديث المذكور، فهل هو يتناول الوثنين كلهم؟

والجواب: لا! ففي حديث آخر صحيح إلحاق الماجوس بأهل الكتاب "سنوا بهم سنة أهل الكتاب".

الحق أن الحديث في مشركي العرب الذين ضنوا على الإسلام وأهله بحق الحياة، ولم يحترموا معاهدة مبرمة، ولا موثوقا مأخوذاً.

وقد منح هؤلاء أربعة شهور يراجعون ويصححون موقفهم، فإن أبوا إلا القضاء على الإسلام وجب القضاء عليهم.

وقد فصلت سورة براءة هذه القضية في أولها:

{ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [سورة التوبة: الآية 4]

أما من نصبوا أنفسهم لحرب الله وسوله وعباده إلى آخر رمق فلا يلومون إل أنفسهم.

وقد يتساءل البعض: لماذا جاءت كلمة الناس عامة في الحديث: "أمرت أن أقاتل الناس"؟ والجواب: أن "الـ" كما يقولب علماء اللغة للعهد، تأمل قوله تعالى:

{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [سورة آل عمران: الآية 173]

فكلمة الناس الأولى: تعني بعض المنافقين، والثانية: تعني بعض الكفار وهذا هو المعهود في أذهان المخاطبين، وتأمل قوله تعالى:

{ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا } [سورة النصر: الآية 2]

الناس هنا ليسوا البشر جميعاً، إنهم العرب وحسب.

رأيت فريقاً من الناس يخدعه الظاهر الغريب في هذا الحديث فيتوهم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يشن حرباً شاملة على البشر.

ولا يزال يحرجهم حتى ينطقوا بالشهادتين.

وهذا فهم- كما أسلفنا لم يقل به فقيه، ولايستقيم مع مرويات أخرى في غاية الصحة والوضوح.

ولم يؤثر عن تاريخ المسلمين وهم يقاتلون (الإمبراطوريات) الإستعمارية التي أظلم بها وجه الحياة قروناً عدة.

ورأينا ناساً آخرين يسارعون إلى تكذيب الحديث، دون وعي، ويتخذون منه ذريعة إلى مهاجمة شتى الأحاديث الصحيحة دون تمحيص لسند أو متن، ودون تقيد بقواعد اللغة أو مقتضيات السياق.

وقد رأيت لاولئك القاصرين أفهاماً في كتاب الله لابد من محاربتها وإهالة التراب عليها.

ليست هناك تعليقات: