السبت، يونيو ٢١، ٢٠٠٨

رضا الله ... وسخط الناس

السلام عليكم


حدث لى منذ أيام موقف أحببت أن أدونه ... اتفق زملائى فى العمل على الخروج للعشاء معا بمناسبة بدء مشروع جديد ... وطبعا يحتوى الفريق على بنات بالإضافة للرجال ... أى أن هذا العشاء سيكون به اختلاط واضح ... وحيث أن الفريق صغير – حوالى عشرة أفراد – فلن يمكن تجنب الإختلاط فى موقف كهذا ... وحيث أن المناسبة غير رسمية وهى من اقتراح الفريق فهى غير ضرورية الحضور ولا مصلحة فيها تعود على العمل ... قررت ألا أخرج معهم لهذا العشاء ... طبعا كان هذا مستغرب خصوصا عندما سألنى مديرى عن السبب فأخبرته أنه لايجوز حيث أنه فى مثل هذه ظروف من صغر أعداد الفريق وعدم رسمية المناسبة فلن يكون هناك امكانية للإنحياز إلى فئة الرجال وتجنب الإختلاط –ولا أقصد بالإختلاط هنا التواجد فى نفس المكان مع البنات فقط ولكن مايتبعه من ضحك وتآلف مرفوض شرعا فبالطبع لن نخرج معا فى مناسبة كهذه للحديث عن أزمة الأمة أو عن نكبة فلسطين- ... بعض أفراد الفريق قابلوا هذا الرفض بتفهم والبعض الآخر تعجب والبعض الآخر تهكم فى سخرية.


وأنا لا أريد أن أصطنع الملائكية ... فلن أقول أنى لم أتأثر مطلقا تماما بهذا الرفض والتهكم ... بالطبع تأثرت نوعا ما فالإنفراد واعتزال الناس حتى ولو كانوا على خطأ ليس دائما يأتى بسهولة ... طبعا هذا ليس مبررا لتقليد الناس فى الخطأ وإلا كان الإنسان إمعة لا وزن له فى الحياة ... وعند هذا التأثر خطر ببالى خاطرين:


أما الخاطر الأول ... تذكرت الصحابة رضوان الله عليهم ... كيف تحولوا إلى الإسلام تاركين ماتعودوا عليه لسنوات وسنوات من عبادة الأصنام ونمط الحياة الجاهلى ... بل والأشد من ذلك أنهم عادوا أهلهم لما أرادوا أن يردوهم عن الحق بالقوة وعذبوهم ليصدوهم عن ذلك الحق ... ليس هذا وفقط ولكن الأشد من ذلك هو استعداء أقرب الأقربين بالدخول فى الإسلام ... وما قصة سيدنا مصعب بن عمير عنا ببعيدة ... هذا الصحابى الجليل الذى كان فتى قريش المدلل ... من أشد شبابها جمالا وأناقة ... مالبثت رسالة الإسلام أن لامست قلبه حتى توهج بالنور وترك مادون الحق رغبة وطلبا للحق وحده ... فثارت عليه أمه وحبسته فى بيتها وحرمته من أبهته فما رده هذا عن الحق ... فأين نحن من هؤلاء الصحابة ... وكيف لى أن يساورنى الضيق لما تعرضت من الإعتراض والتهكم وهؤلاء الصحابة الأطهار قد لاقوا ما لاقوا فما وهنوا لما صابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا!!!


أما الخاطر الثانى ... فهو حديث للنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ... شاء الله أن يرينى طرفا منه فى حياتى لأزداد يقينا ... فلله الحمد ... أما الحديث

{ من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ، ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينه } إسناده جيد قوي


وأما ما تطبق منه فى حياتى فكان موقفين ... الأول حدث لى فى المدرسة الثانوية عندما قررت ألا أغش أو أساعد على الغش فى الإمتحانات تحرجا من إثم الغش ... وفى أحد الإمتحانات طلب منى أحد زملائى أن أجيب له على سؤال فى الإمتحان فرفضت ... فبعدها غضب منى جدا وأخذ يتهكم على والأشد من ذلك أنه قال لى "ألم تكن تغش من قبل؟ أم أنك ترفض أن تساعد غيرك بينما تقبل الغش إن كان فى مصلحتك؟" ... ومضت أيام وأسابيع وإذا بى أفاجأ بتغير سلوك هذا الزميل معى ... فقد وجدته يعاملنى باحترام وود غير عادى ... فكان يسلم على وفى عينيه نظرة احترام غير معهودة فى طلبة فى مثل سننا وبدون سبب واضح لى ... فلما تفكرت فى سبب تغير سلوكه ما وجدت إلا هذا الحديث تفسيرا.


أما الموقف الثانى ... فكان قرارى بإطلاق لحيتى ... حيث قوبل هذا القرار برفض شديد فى العائلة ... من كل أفراد العائلة ... والأغرب أنه قوبل بالرفض حتى من الملتحين فى العائلة!!

ولكنى أصررت على رأيى وثبتنى الله ... وكان هناك بعض الأفراد فى العائلة يبغضون الملتحين فكانت صاعقة لهم لما علموا أنى أريد أن أطلق لحيتى ... ومرت الأيام ... وهدأت ثورة العائلة على ... ثم بمرور الأيام ... بدأت نظرة العائلة تتغير تماما بالنسبة لى ... بدأت أشعر بحب غير طبيعى من أفراد العائلة ... أصبحت أرى فرحة فى عيون أفراد العائلة عندما يرونى وليس مجرد ابتسامة باهتة من أجل التحية ... وأيضا لم يعد الأمر مقتصرا على الفرحة ولكن أيضا الإحترام ... فأصبح أفراد عائلتى يحترمون رأيى ويحترموننى شخصيا على الرغم من صغر سنى نسبيا بالمقارنة بأفراد العائلة ... والأغرب أنه أصبح أكثر أفراد عائلتى حبا وتقديرا لى الذين كانوا يبغضون الملتحين وقاومونى بشدة فى أمر إطلاق لحيتى ... فسبحان الله ... طبعا كل هذا التحول ليس لى يد فيه ... إنما هو بفضل الله وبرحمته ... فلله الفضل والمنة.


فالشاهد من هاتين القصتين ... ألا نسير وراء الناس فيما يقولون أو يفعلون دون تدبر وتعقل لما نفعل ... فالمسلم أكرم على الله من أن يكون إمعة ... إنسان هوائى إن وجد الناس مصلحين أصلح ... وإن وجدهم مفسدين أفسد ... ولكن من فضل الله علينا أن جعل رسوله الكريم يربى فينا الشخصية القوية المستقلة الثابتة على الحق –التى أرجو من الله أن يرزقنى إياها- فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام وعلى إرسال نبيك الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.


السلام عليكم

أخوكم ... واحد من المسلمين

هناك ٦ تعليقات:

الديب يقول...

الله يرضى عليك ..
ويرضّي الناس عنك

واحد من المسلمين يقول...

الديب

الله يكرمك يا أخى ... ولك بمثل

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس من السهل فعلا فعل ما يغضب الناس ولكن الله ثبتك فلله الحمد .

نعم يا اخي أثبت ولا تخف جعلني الله وإياك ممن يرضون ربهم ويسخطون الناس إن كان هذا يرضي الله والسلام ختام .

واحد من المسلمين يقول...

AhmedAlmuslim

أخى أحمد
يقع الإنسان كثيرا فى مثل هذه المواقف التى تكون ابتلاء واختبار من الله لقوة ايمانه ... وكثيرا ماأفشل فى هذا الإختبار ... ولكن الله ثبتنى هذه المرة .. فلله الحمد والمنة.

أسعد كثيرا بتعليقاتك ... وبتشريفك لمدونتى

أخوك .. واحد من المسلمين

مسلم من مصر - محمد على عطية يقول...

السلام عليكم
أخى الفاضل
أنا سعيد فعلاً بالتعرف اليك,فالقليل الذى قرأته لك حتى الآن يجعلنى اشعر أننى أنا الذى أتكلم, أنا خايف أغوط شوية ألاقى اسمك كمان زى اسمى, و بالمناسبة يا باشمهندس, انت تخصصك ايه؟
بالنسبة لموضوع التدوينة, فبالرغم أننى لست ملتحياً بعد, إلا أننى معتاد عموماً على السخرية و التهكم ممن حولى فى العديد من الأمور, فأنا معوق أحياناً لأنى لا أشارك برأيى فى الخناقات الهايفة التى تحدث بين مشجعى الأهلى و الزمالك من اصدقائى, و أنا متزمت حينما أنبه غيرى لما لا يجوز, و أنا محبكها بزيادة حينما أرفض المشاركة فى شىء غير مقتنع به لسبب دينى.
إن هذا إبتلاء يختبرنا به الله هل نثبت أو نسير فى التيار, فإن سرنا فى التيار و نحن نعلم, فقد صرنا فتنة لمن لا يعلم, أما إذا ثبتنا على مواقفنا التى نقتنع بها-و أسأل الله أن يكون ثباتنا دوماً على الحق-فإن الله سيهدى بنا غيرنا و لو بعد حين, طالما أن نيتنا خالصة لله.
الجانب الآخر من الموضوع هو أن يعرض المرء رأيه بصورة هادئة و جذابة و غير منفرة, و أن يصبر على كلام الآخرين, الى أن يهديهم الله.
جزاك الله خيرا, ربنا يوفقك و يهديك لما يحب و يرضى

واحد من المسلمين يقول...

مسلم من مصر

السلام عليكم

أخى مسلم من مصر ... أولا أنا أشد سعادة لتعرفى عليك ... وقد رأيتك أضفتنى فى مدونتك فجزاك الله خيرا.

ثانيا: أنا تخصص اتصالات ياسيدى .. بس انت عرفت منين ان انا مهندس؟ من كلمة مشروع؟

ثالثا: أنا معك تماما فى ان الإنسان الذى يأخذ عنه الناس فكرة انه ملتزم بتكرار صلاته فى المسجد أو لحيته أو تقصير ملابسه أو اهتمامه الشديد بالدين والأمة يكون شاء أم أبى رمزا للدين ... فإما أن يكون محبوب من الناس بسلوكه الطيب وأخلاقه المهذبة فيجعله الله سببا فى حب الناس للدين ... أو يكون مفرطا -نسأل الله السلامة- ويكون فتنة للناس كما قلت.

رابعا: بخصوص عرض الأمر باللين .. أنا معك تماما ولكن احيانا يكون رفض الناس ليس لطريقة العرض ولكن للأمر نفسه ... ولنا فى رسول الله أسوة حسنة ... فلطالما عرض الإسلام بطريقة سمحة على اهل مكة .. فآمن منهم من آمن وكفر من كفر ... فعلينا محاولة التودد للناس والدعوة بالتى هى احسن ... أما من بغض الدعوة لمجرد فكرتها ... فأولئك نسأل الله لهم السلامة ولا نملك ان نغير دعوتنا لضيقهم ... فالله تعالى يقول فى كتابه العزيز

{والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما}

نورت المدونة .. وجزاك الله خيرا على التعليق .. وآسف على الإطالة