السبت، مارس ٠١، ٢٠٠٨

رداً على تجاوزات الدانمارك ... لنكن عباد الله إخوانا

السلام عليكم

كانت خطبة الجمعة بالأمس رائعة ... فرأيت ضرورة نقل المعانى التى تم تداولها فى الخطبة حيث أرى الأمة فى أشد الحاجة لهذه المعانى ... كانت الخطبة استكمالا لسلسة بدأها الشيخ –وهو دكتور بالأزهر الشريف- بعنوان "أساسيات التربية فى الإسلام على ضوء نصح لقمان لابنه فى القرأن" ... وكانت حلقة اليوم بعنوان "عدم الإنكار على المُجتهد أو ما اختلف فيه" وهى حلقة جزئية من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المتمثلة فى قول لقمان لابنه

{ ... وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ ... } لقمان 17

وتساءل الشيخ فى بداية الخطبة ... هل يجب أن نتكلم عن ما حدث فى الدانمارك من إعادة نشر 17 صحيفة للرسوم المسيئة ... ورد مستدركا بقوله أن الأفضل أن نستمر فى قيادة مسيرة تحقيق خيرية هذه الأمة وهذا خير رد عما حدث ويحدث وسيحدث من إهانة للأمة على يد أعدائها ... وأنا معه تماما فى هذا الرأى ... فلطالما علت أصواتنا بالردود الوقتية على إساءات الغرب وسرعان ماتتلاشى الأصوات وتخفت بمرور الأيام ... والأن لنركز على موضوع الخطبة.

آراء العلماء فى المسائل الخلافية

بدأ الشيخ بسرد عدد من المواقف المأثورة عن أكابر علماء المسلمين أمثال الإمام الشافعي وأقوال لكبار علماء الامة فى هذا المجال كشيخ الإسلام بن تيمية ... فمما ذكر:

أن الإمام الشافعى كان فى زيارة للعراق -بلد الإمام أحمد بن حنبل- ... وكان الإمام الشافعي يرى أن القنوت فى الفجر سُنّة تُجبر إن نُسيت بسجدتي سهو على خلاف رأى الإمام أحمد ... فلما كانت صلاة الفجر أمّ الإمام الشافعي بالناس ولم يقنت ... فاستفسر منه طلابه عن ذاك فقال لهم ... كيف أخالفه –يقصد الإمام أحمد- وأنا فى بلده ... وهذا ليس لا يعنى أن الإمام الشافعى غير مقتنع برأيه ولكن ... هو يرى أن الأمر يتسع للخلاف فى هذه النقطة وإنما مارآه من رأى هو مااستراح له قلبه وليس ذلك بدليل على بطلان باقى الآراء لذا فهو آثر تأليف قلوب المسلمين المعتادين على مذهب الإمام أحمد فى العراق على إنفاذ رأيه فى هذه المسالة ... إلى هذا الحد نرى الرقي والأدب والحكمة فى أكابر العلماء.

أيضا نقل الشيخ عن شيخ الإسلام بن تيمية من فتاوى المصريين قوله –والنقل ليس بالنص ولكن بالمعنى حسب ما أتذكر- "تأليف قلوب المسلمين ونبذ الفرقة مقدم على التمسك بالأمور الخلافية كترك قنوت الفجر مثلاً إن كان العالِم فى منطقة لاتقنت فى الفجر".

كان هذا معنى الخطبة بإختصار شديد.

مظاهر الخلاف فى الأمة

إلى هنا ينتهى نقلى عن الشيخ وأبدأ فى نقاش سريع لمظاهر الخلاف فى الأمة ... وعذراً دعونى أطرق بشدة على هذا المرض الذى فشا فى الأمة ... فالأمة بين غافل و ملتزم متعصب إلا مارحم ربى –وأرجو أن يكونوا كثر ولكن لا تأتى الرياح دائما بما تشتهى السفن- ... ترى الآن بعض السلفيين يبدِّعون جماعة التبليغ ويرمون الإخوان المسلمين بالتفريط فى ثوابت الدين ... وترى الإخوان المسلمين يتهمون السلفيين بالتشدد والتعصب ... وتاه شباب المسلمين لايدرى أى الإتجاهات يسلك ... وأنا هنا لاأطالب أبدا أن يتفق الجميع على رأى واحد فهذا لايعقل فضلا عن أنه غير مطلوب ... نعم أنا أقصد هذا ... ليس مطلوبا أن يكون المسلمون جميعا على نفس الرأى ... ولننظر معا لحال الصحابة –رضوان الله عليهم جميعا-.

ترى مثلا سيدنا عثمان بن عفان التاجر الغني الذى طالما خدم الأمة بماله ... وتجد مثلا سيدنا أبو هريرة العابد العالم الفقير المدقع والذى كان من أهل الصفة ... فلو رأى سيدنا عثمان مثلا أن الصحيح هو التمثل بسيدنا أبو هريرة والتفرغ للعبادة فى المسجد -مثل سيدنا أبو هريرة- وفعل مثله جميع المسلمين لما وجدنا من يجهز نصف جيش العسرة ويشترى بئر رومة ...إلخ ... ولو رأى سيدنا أبو هريرة أن الصحيح هو التمثل بسيدنا عثمان والخروج للتجارة والإنشغال بها لخدمة الأمة و فعل مثله جميع المسلمين لضاعت السنة ومئات بل ربما الألاف من الأحاديث التى رواها سيدنا أبو هريرة ... إذن فالإختلاف فى طرق خدمة الأمة مطلوب ... فكل ميسر لما خلق له.

السلفيّ –مثلا- أقدر على طلب العلم الشرعى وتحقيق الأحاديث وتفسير القرأن فليكفى الأمة فى هذا المجال ... والأخوانىّ أقدر على النجاح فى الدنيا وطلب العلم الكونى وتعمير الأرض فليكفى الأمة فى هذا المجال ... والتبليغى أقدر على الدعوة ونشر الإسلام فى ربوع الأرض فليكفى الأمة فى هذا المجال ... فكل ميسر لما خلق له ... ولكن لا نستطيع أن نقول أى من الثلاث توجهات السابقة أفضل ... فهم كأعمدة يقوم عليهم بناء الأمة.

نظرة أعمق للمشكلة

بنظرة سريعة لجذور المشكلة نجد أن الأصل فى هذا المشكلة لا يعود للإختلاف المذهبى ولكن هو طبع لدينا –نحن المصريين خصوصا وأعتقد أيضا العرب بصورة عامة- ... فلنرى أى نقاش بين أى شخصين فى الشارع، فى الأتوبيس، فى المنزل، فى المصلحة بل و حتى فى التليفزيون ... تكاد ترى بوضوح ثقافة الرأى الواحد ... فدائما الهدف الاساسى فى أى مناقشة هو الإنتصار لرأى الفرد وليس الوصول للحق ومن هنا جاء التعصب والذى أثر بدوره فى سائر نواحى الحياة بما فيها الدين.

دورنا لحل المشكلة

حيث أن التغيير صعب فى كبار السن فإن الأمل فى الشباب وذلك بالقيام بدورين أساسيين:

* التدرب على سعة الصدر لأراء الأخرين والتقبل للحق ولو من عبد حبشى اسود واتساع الصدر أيضا لمن يخالفنى الرأى وإن لم أقتنع برأيه بعد المناقشة باتساع فى الصدر.

* تربية أولادنا على ذلك

وفقنا الله لذلك

السلام عليكم

ليست هناك تعليقات: