الخميس، مايو ٠٨، ٢٠٠٨

ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا

السلام عليكم

تعتبر هذه الآية { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه 124

دليلا للباحثين عن السعادة ... فلا طريق للسعادة فى الدنيا سوى الطريق الذى رسمه الله لنا ... صراط الله المستقيم ... هذا فى الدنيا فضلا عن الآخرة ... و هذا الإعتقاد جزء رئيسى فى عقيدة المؤمن.


ما حثنى للكتابة فى هذا الموضوع هو موقف حدث لى اليوم أسرده مجملا ... كنت أنتظر قريب لى اليوم فى محطة المترو والتى أصبح يذاع فيها الآن أغانى واعلانات –يعنى هى القاهرة ناقصة ضوضاء- ... وخلال انتظارى كانت هناك أغنية تذاع فى الإذاعة الداخلية للمحطة ... حاولت جاهدا تجنب هذه الأغنية والتركيز فى مصحفى ولكن أغلب محاولاتى باءت بالفشل ... ومما أخذ طريقه إلى أذنى من كلمات الأغنية بعض الكلمات التى أملتنا من تكرارها فى الأغنيات –العبيطة- التى يقولون عليها عاطفية من نوعية "أنا مابحبش حد إلا انتى" ... "أنا لقيت نفسى من بعدك" ... "أنا ماأقدرش أعيش من غيرك" ... "أنا عايش فى أحلى أيام حياتى معاكى" وهنا مع آخر جملة ورد فى خاطرى هذه الآية.


هل صحيح هذا الذى يعيش فى حب حرام ... ويتباهى به بل ويدعوا اليه هل يعيش فعلا فى سعادة؟

كما قلت قطعا ويقينا لا ... إذن كيف يقول هذا الشخص هذا الكلام؟


أقول ... ما الذى يجعل مدمن المخدرات يدمن عليها ... ومدمن الكحوليات لا يقوى على الإبتعاد عنها؟ انه تزيين الشيطان له بالسعادة اللحظية التى تجر من ورائها آلام وأحزان يختزلها له الشيطان فيشعره أن سنوات الأسى لحظات وأن لحظات السعادة سنوات ... كذلك الحال لهذا الشخص الذى يظن أنه بوقوعه فى الحرام من أجل فتاة يظن -وأؤكد هنا على أنه يظن لأن أغلب الشباب لا يعرفون معنى الحب ولكنهم موهومون بالميل الفطرى للجنس الآخر- أنه يحبها سيكون سعيدا ... وتعالى معى لترى طرفا من مظاهر هذا الحب:


أن ترى البنت مثلا تحدث مشاجرات مع والديها الفقيرين ليشتروا لها ملابس جديدة تقابل بها فتاها ليعجب بها!! لا أدرى ماعلاقة الملابس بالحب؟


أن ترى مثلا الولد يطيل فى أمد العلاقة مع فتاته مع علمه بأنه لن يكون قادرا على الزواج إلا بعد خمس أو ست سنوات على الأقل بمعنى انه يعلم انه غالبا لن تكون هذه الفتاة من نصيبه ورغم ذلك فهو مصر على علاقة "" الحب "" ... حب حقيقى فعلا!!!! ... هذا لعب بمشاعر البنت الساذجة التى تريد أن يستهزأ بها.


أن ترى الولد والبنت يقفان سويا فى منطقة مظلمة ليتبادلا كلمات الحب -الحرام- دون أن يراهم أحد ... مع أن هذا الولد هو هو لو رأى اخته فى نفس الموقف لربما جرها من شعرها حتى البيت ... فأين حبه لفتاته وكيف لا يغار على سمعتها كما يغار على أخته؟ ... أم أنها النزوات العاطفية الأنانية التى لا تعرف طريقا إلى الحب؟


سؤال أخير ... هل ياترى بعد سنة من الزواج –بفرض ان هذا الولد وهذه البنت قد تزوجا- سيبقى الحب كما هو ... اسمح لى بالإجابة باحصائية قد أجريت على زيجات هذه الأيام وما اتضح هو ... وأرجوك أن تستعد للرقم ... أكثر من 40% من حالات الزواج فى مصر يتم فيها طلاق ... هل تعلم مايعنى هذا ... هذا يعنى ان من كل 10 أزواج هناك أربعة حالات تفشل وتؤدى للطلاق ... أين الحب؟ أين أصوات القيثارة التى تعزف أعزب الألحان –من وجهة نظرهم-؟ أين الوعود التى طالما قطعها كل طرف للآخر بالوفاء والعطاء؟ كل ذلك كان كذبا وخداعا من الطرفين ... فالحب أكبر من ذلك بكثير ... ولكى تعرف الحب الحقيقى انظر إلى زوجين بعد 10 سنوات من الزواج ... فلو وجدت حبا وشوقا لكل من الزوجين للآخر فى حالة بعده ولهفة أحدهما على الآخر فى حالة مرضه فاعلم ان هذا هو الحب الذى دعا اليه الإسلام وأيده ... وكما ضربت لك أمثلة مظلمة لما يطلق عليه حبا هذه الأيام ... دعنى أضرب لك أمثلة للحب الحقيقى ... فمعى هنا مثالان ... ولا أقدر أن يبعد نظرى عن سيرة حبيبى محمد –صلى الله عليه وسلم- فهو من علمنا الوفاء والحب الحقيقيين وليس خداع الشباب هذه الأيام.


المثال الأول ... حب سيدنا محمد لزوجته خديجة -رضى الله عنها- وحبها له ... ألا تعلم أن سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- كان يذهب للتعبد فى غار حراء لفترات تصل لشهر؟ وكيف كان يأكل فى هذه الفترة ... نعم ... كانت السيدة خديجة تحضر له الطعام ... لم تقل له لماذا تعتزلنى وتعتزل قومك وتبقى هنا منعزلا هذه المدة ... لم تلومه أو تعاتبه بل على العكس ... كانت تشجعه ... نعم ... أنسيت حين رجع من الغار مرتجفا بعد نزول الوحى عليه أول مرة ... أنسيت ماقالت له .. قالت له كلمات لو وزن عطفها وحنانها وعقلها لما وزنتها جبالا من ذهب ... قالت له "لا والله ... لا يخزيك الله أبدا" ثم بدأت تعدد صفاته الحسنة ... فكانت النتيجة أن يطرق باب النبى طارق بعد وفاة السيدة خديجة بسنوات ... فيقول النبى "اللهم هالة" أخت السيدة خدجة حتى تذكره بها ... وأيضا فى فتح مكة –أى بعد وفاة السيدة خديجة بحوالى ثمانى سنوات- يترك النبى جمع الناس الذين جاءوا يبايعونه ويجلس ساعه مع سيدة عجوز كانت من أصدقاء السيدة خديجة ... وحين تسأله السيدة عائشة "من هذه السيدة" ... يقول لها "انها من صديقات خديجة ... كنا نستذكر الأيام الخوالى".


والمثال الثانى ... حب النبى صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة وحبها له مع مايكبرها من السن بأكثر من أربعين عاما ... ولكن تراه –صلى الله عليه وسلم- عندما يسأله سيدنا –عمرو بن العاص- بعد رجوعه من غزوة منتصرا "من أحب الناس إليك" فيقول له النبى –صلى الله عليه وسلم- "عائشة" هكذا ... دون مواربة أو تلميح ... فهذا حب حلال بل هذا الحب يحثنا الإسلام عليه وليس فقط يبيحه ... ثم يسأله "ثم من" فيقول النبى "أبوها" فلم يقل أبو بكر ولكن نسبه إليها كأنها اشارة إلى أن من أسباب حبه له أنه أبا لزوجته.


أرأيتم معى هاتين الصورتين للحب ... صورة يدعيها الشباب هذه الأيام وتساعدهم عليها وسائل الإعلام المفسدة والتى تظهر فشلها من إحصائيات الطلاق ... وصورة مضيئة للحب العفيف الذى يضمن سعادة الدنيا والآخرة طالما بنى على الإيمان وحب الله.


أترك كل واحد وواحدة منكم الآن مع نفسه/نفسها لتختاروا أى الفريقين تحبون أن تنضمون اليه ... فريق توهم السعادة فى الحب الحرام ... أم فريق السعادة الحقيقية المباركة من الله.


أخوكم ... واحد من المسلمين

هناك ٥ تعليقات:

الديب يقول...

سورة النحل - اية 97

" من عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "

لو كان الواحد لازم يدمر دنيته علشان اخرته .. لدمرها العقلاء .. لكن ربك الكريم كتب لك الاتنين لو أطعته!!

واحد من المسلمين يقول...

الديب

اللهم أحينا حياة طيبة وأمتنا ميتة طيبة.

نورت
:)

ادم المصرى يقول...

ممكن نكون اظدقاء يمان انا اتمنى واتمنى لكا ايضا حيا سعيده واتمنى ان تسعدنا

بى كتباتك المفضله اخوك ادم المصرى

واحد من المسلمين يقول...

ادم المصرى

أخويا آدم ... طبعا يشرفنى ان احنا نكون أصحاب واحنا فى الأساس إخوات.

شرفتنى فى المدونة ... ومستنى مرورك تانى

أخوك .. واحد من المسلمين

غير معرف يقول...

جزاك الله عنا كل خير لهذا المقال الصادق في قصده و الرقيق في كلماته الله يديمك على خير يا اخي