الجمعة، ديسمبر ٠٧، ٢٠٠٧

هل انتشر الإسلام بحد السيف حقا؟ .. الجزء الثانى

السلام عليكم

أتناول فى هذه التدوينة –إن شاء الله- العنصر الأول فى هذا الموضوع:

1. أسلوب عقلى بسيط لدرأ أى شبهات تتعلق بالإسلام

"إن كان قد قال فقد صدق" ... أتذكرون هذه الجملة ... نعم ... إنها الجملة التى قالها سيدنا أبو بكر الصديق لمشركى قريش عندما حاولوا زرع الفتنة بين الصدِّيق وبين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ... ودعونا نسرد القصة كاملة لمن لا يعرفها.

تبدأ القصة عندما استيقظت قريش كمثل أى يوم معتاد ... وما هى إلا فترة قليلة وانتشر خبر غريب فى مكة بأسرها... الخبر هو إدعاء محمد بن عبد الله أنه ذهب الليلة الماضية إلى بيت المقدس وصلى فى المسجد الأقصى ... ثم عُرج به الى السماء السابعة ... ثم عاد إلى منزله وذلك قبل أن يبرد فراشه ؟!

بالطبع لم يصدق أحد من المشركين بمكة هذا الإدعاء ... وبالطبع استغل المشركين هذه الفرصة للإيقاع بين النبى وأقرب أصدقائه والمؤمنين به الصديق أبو بكر (رضى الله عنه) ... أسرع المشركون لأبى بكر ليخبروه بما قال النبى (صلى الله عليه وسلم) وهم يتوقعون تشكيك من الصديق أو على الأقل تردد ... وكان الرد كالصاعقة فوق رؤوسهم ... "إن كان قد قال فقد صدق".

قد يتسائل هنا بعض الناس ... أليس هذا تسليما مطلقاً وإلغاءاً للعقل؟؟

وهنا أقول ... لا ... قطعاً لا ... والدليل هو إكمال الصديق لجملته الرائعة حيث قال ... "إنى أصدقه فى وحى السماء يأتيه من رب العالمين أأكذبه فيما هو دون ذلك!؟" ... هنا نجد أسلوب دقيق متسلسل فى التفكير والإستنتاج والتدرج من الأسباب للنتائج ... فهو قد صدَّق ابتداءا وآمن أنه لاإله إلا الله وانه أرسل محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) رسولا للعالمين ... وما يترتب على ذلك من إيمانه بنزول الوحى من السماء على النبى (صلى الله عليه وسلم) بواسطة جبريل فى لحظات معدودات مئات المرات خلال فترة النبوة ... وأكثر من ذلك إيمانه بقدرة الله ... فمن خلق هذا الكون الفسيح الذى يعجز العلماء مجتمعين الآن على إدراك نهايته ... لهو قادرا على إرسال عبدا من عباده فى مثل هذه رحلة ... وبالتالى نجد أنه من الطبيعى للصديق أن يصدق –ومن غير المنطقى ألا يصدق- بقدرة هذا الإله الواحد على فعل أى شئ فى كونه ... فهو الخالق للكون وقوانينه وهو القادر على خرق هذه القوانين متى شاء وكيف شاء ... فالصديق هنا قد تجرد تماما من حكم المعتادات –كإعتياد العقل على استحالة حدوث مثل هذه الرحلة فى مثل هذا الزمن القصير- للحكم على القضية بعقلية علمية متجردة من سيطرة المسلمات التى لا تجد لها تفسيرا فى أحيانا كثيرة غير اعتياد حدوث الأشياء على نفس الوتيرة.

والسؤال الآن ... ماعلاقة هذه الواقعة بشبهة انتشار الإسلام بحد السيف؟

ذكرت قبلا أن أول نقطة فى الرد على هذه الشبهة ستكون منهج عقلى لدرأ أى شبهة تتعلق بالإسلام ... فأنا هنا أأصل لقاعدة يتعامل معها العقل مع أى شبهة تطرأ على الإسلام سواء هذه الشبهة أو غيرها ... وأظن ان الأمور بدأت تتضح الأن ... فالأمر يأتى بالتدرج العقلى فى التفكير ... فمن المستحيل مثلا أن نصنع طائرة ونفكر فى تصميمها إذا لم نقتنع ونصدق قانون الجاذبية الأرضية وقوانين الحركة ... بالرغم من غرابة فكرة الطيران بالنسبة للأوائل الذين لم يعرفوا قوانين الجاذبية وقوانين الحركة ... ولكنه التسلسل المنطقى فى التفكير!

وهنا أوجه كلامى الى فريقين:

إلى المسلمين الذين يجدون فى أنفسهم –أحيانا- بعض الحرج من بعض أحكام الدين ... ولهؤلاء أقول ... أنتم مؤمنون بما هو أهم من أى شبهة ... أنتم تؤمنون ان لهذا الكون إله واحد مدبر ... يسمع كل الأصوات ولا يؤدى كثرة الأصوات لإختلاطها لديه ... يرى جميع الأشياء فلا يؤثر الظلام والنور على رؤيته ... خلق حتى العقل الذى تستعملونه فى التفكير فى الوقت الذى لايزال العلماء –إلى الأن- غير قادرين على الوصول لتحديد دقيق لكيفة عمل هذا العقل ... أليس هذا الإله أحكم من أن يقضى بأمر يكون فيه نقص أو يجلب ضرر ... أليس هذا الإله أحكم من أن يطعن فى حكمه واحد من خلقه وهو الذى خلقهم وخلق عقلهم الذى يطعنون به فى حكمه!؟

لذا ... فالواجب على كل مسلم أن يتأكد -أولاً- من صحة النقل عن النبى الكريم ... فإذا تأكد فليس له إلا التسليم لما وصل إليه من صحيح النقل عن النبى الكريم ... وإلا أعاد الغكر فى ايمانه ويقينه وقوله لشهادة لا إله إلا الله ... وليس هذا "دروَشة" أو إلغاء للعقل ... ولكن كما اوضحت قبلا ... تسلسل عقى منطقى للتفكير.

وإلى غير المسلمين الذين يجدون فى بعض هذه الشبهات تناقضا مع العقل ... ولهؤلاء أقول ... لايمكن الحكم على دين بأخذ مقتطفات منه والنظر اليها منفصلة عن اصل هذا الدين ... فيجب التسلسل فى التفكر فى أى دين بالأمور الأساسية ثم التفرع للفروع ... فمثلا ... يجب الإقتناع أولا بوجود إله واحد للكون وحتمية هذا الأمر قبل التدرج الى الإيمان بثبوت نبوة الرسول الكريم والأنبياء من قبله ... ثم التدرج أخيرا لأحكام الدين وأوامر الله ونواهيه ... وليس هذا استدراجا للناس للدخول فى الإسلام ... فدخول الإسلام هو إضافة للإنسان الذى دخل فيه أكثر مما هو إضافة للإسلام ... ولكنى أقول ذلك لأن الفروع من الأحكام قد يختلف عليها الناس وذلك لتفاوتهم فى الفكر والتوجهات ... وبالرغم من اختلافهم فإن ذللك لاينفى أن هناك رأى هو الأصلح للزمان والمكان ... وواضح عقلا أن الذى يصنع شئ هو الأدرى به وبقوانينه التى تحكم طريقة عمله ... فالله أعلم بما يصلح خلقه وما يفسدهم أكثر من الناس أنفسهم.

وهنا أضرب مثالاً على هذا الأمر ... فى أميريكا مثلا ... اختلف الناس على عقوبة جريمة القتل ... فبعض الولايات أقرت بالإعدام كعقوبة ... والبعض الأخر ألغت تطبيق عقوبة الإعدام وخففت العقوبة الى السجن ... وهنا تجد ما أقصد جليا ... ففى نفس الدولة ولنفس الجريمة تختلف العقوبة من مكان لأخر ... فلو سلمنا أن الحق فى عدم تطبيق حكم الإعدام فالذين أقروا بالإعدام مخطئين ... وإذا كانت الأخرى فالفريق الأخر هو المخطئ ... إذن أين الحق؟؟

الحق فى حكم الله الذى خلق الكون وهو اعلم بقواعده وقوانينه وما يصلحه وما يفسده ... لذا فالواجب عليك –إن كنت تبحث عن الحق- التفكر أولا فى وجوب وجود إله واحد خالق لهذا الكون قادرا على كل شئ –وهو واضح فى خلقه لهذا الكون- ... ثم البحث عن رسله للبشر –فلا يعقل أن يخلق إله هذا الكون ويتركه هملا بغير رسالة ترشد البشر إليه وتصلح لهم معيشتهم- ثم –إن اهتديت للإسلام- أن تتبع الرسول للعيش منعما فى الدنيا والتنعم فى الأخرة.

ألقاكم فى التدوينة القادمة ان شاء الله ... و "براهين من القرأن على ترك حرية الإعتقاد للإنسان".

السلام عليكم

هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

كان عندي سؤال بس: هما شالوا المسجد عشان يحُطّوا ايه مكانو؟ دا هوه كله كان متر x مترين باين. ناس غريبة فعلاً !!!

واحد من المسلمين يقول...

مش عارف حطوا مكانه ايه ... بس اللى اتقاللى ان المكان ده منظمة الاغا خان اشترته (اشترت المكان كله مش المسجد بس) ومش عارف هاتعمل فيه ايه؟

المهـ إلي الله ـاجر يقول...

جزاك الله خيرا علي جهدك الطيب وعرضك المنمق المتزن

ونسال الله ان يهدينا جميعالً إلي نبذ الهوي والعمل بكلام الله ورسوله دون توصيف او تكييف او تمرير علي العقل

جزاك الله خيرا علي مرورك علي مدونتي ويسعدني تكرارها

أحمد أمين يقول...

ما شاء الله لا قوة إلا بالله

بارك الله فيك يا فتى الإسلام
بجد جميل

جزاك الله خيرا