الأحد، ديسمبر ٣٠، ٢٠٠٧

كتاب – معالم المشروع الحضارى ... الجزء الأول

السلام عليكم

كانت أجازة العيد طويلة وكانت هناك فرصة طيبة للقراءة ... كتاب هذه التدوينة للدكتور "محمد عمارة" المفكر الإسلامى ... الكتاب بعنوان "فى ذكرى مئوية ميلاد الإمام الشهيد حسن البنا ... معالم المشروع الحضارى فى فكر الإمام الشهيد حسن البنا" ... والكتاب –كما هو واضح من اسمه- يتناول ملامح المشروع الحضارى الذى أراد تأسيسه الإمام "حسن البنا" أو قل بالأحرى أنه أراد إستكماله بعد "جمال الدين الأفغانى" والذى تلاه تلميذه الشيخ "محمد عبده" ثم الأستاذ "محمد رشيد رضا" وأخيرا الإمام حسن البنا.

يبدأ الكتاب بفصل عن حياة الإمام بإسم "بطاقة حياة" ... واسمحوا لى ذكر ومضات من حياة هذا الإمام المجاهد.

الإسم: حسن أحمد عبد الرحمن البنا (1324-1368 هـ / 1906-1949 مـ).

المنشأ: نشأ فى أسرة بسيطة تحترف الزراعة بقرية "شمشيرة" بمحافظة "كفر الشيخ" ... كان والده طالبا للعلم الشرعى ومشتغلا بالخطابة فى المساجد. كان للإمام ثلاثة أخوة ذكور فوجه الوالد الإبن "حسن" لدراسة الفقه على المذهب الحنفى ... والأخ الثانى "عبد الرحمن" على المذهب المالكى ... والأخ الثالث "محمد" على المذهب الحنبلى ... والأخ الرابع "جمال" على المذهب الشافعى ... فانظر لمثل هذه نشأة تضم أغلب أطياف الأمة وكم تؤثر فى انفتاح العقل على إتساع هذا الدين وشموليته وقبول الآخر.

بداية النشاط الدعوى: بدأ النشاط الدعوى للإمام مبكرا جدا بصورة تفوق التصور ... فقد رأس جمعية "الأخلاق الحميدة" والتحق عضوا بجمعية "منع المحرمات" السرية وذلك فى المدرسة الإعدادية !!!

وبعد الإعدادية ... انضم الإمام لمدرسة المعلمين وانخرط فى "الطريقة الحصافية" وكانت هذه الطريقة –على حد قول الكاتب- أقرب طرق الصوفية من الشريعة وأبعدها عن الخرافات والبدع ... كما واظب على ارتياد المكتبة السلفية –كما ذكر فى مقدمة كتاب "الرسائل" للإمام حسن البنا- وانظر لهذا الجمع بين نشأة بين أكناف الفقه بمذاهبه ... ثم الإتصال بالصوفية واعتياد السلفية وكيف أثرت هذه العوامل مجتمعة فى تكوين هذه الشخصية العملاقة.

قام الإمام بتأسيس جمعية "الحصافية الخيرية" –مع بعض من زملائه- بهدف الدعوة إلى الأخلاق ومحاربة المنكرات ولوقف المد التبشيرى فى ذلك الوقت ... كما شارك الإمام فى مظاهرات ثورة 1919م.

مرحلة جديدة من العمل الدعوى: تخرج الإمام من دار العلوم عام (1346هـ / 1927مـ) بترتيب الأول على دفعته ... ورشح للسفر إلى باريس للدراسات العليا ولكنه تنازل عن حقه فى السفر للعمل على تحقيق أهدافه فى مصر والتى سأذكرها فى نهاية هذه التدوينة نقلا عن الإمام نفسه.

تم تعيينه مدرسا بالإسماعيلية ... وهناك رأى الصورة البغيضة للإستعمار من استفادة الإحتلال من خيرات البلد فى حين تدهور حال أهلها ... والتغريب الثقافى والإجتماعى الذى يتحدى هوية الأمة ... هذا بالإضافة لما عاصره الإمام من زلازل أصابت الأمة من سقوط للخلافة (1924مـ) وصدور عدد من الكتب بأيدى مسلمين تصادم ثوابت الإسلام ... دفعه كل هذا لتأسيس جماعة "الإخوان المسلمين" فى (1347هـ/1928مـ) بمساعدة ستة رجال جميعهم من العمال الحرفيين.

زار الإمام ثلاثة ألاف قرية مصرية من أصل أربعة ألاف هى كل قرى مصر فى ذلك الوقت وذلك بخلاف المدن الكبيرة والصغيرة!!!

أصدر حوالى ثمانية من المجلات والصحف منها (مجلة "النذير" الأسبوعية، مجلة "المنار الشهرية" و جريدة "الإخوان المسلمين" اليومية).

رشح الإمام نفسه فى الإنتخابات البرلمانية مرتين ... كما جاهدت الجماعة فى فلسطين مابين عامى (1947 و 1948) قبل وبعد دخول الجيوش العربية أرض فلسطين ... ونتيجة لهذا الظهور فى مواجهة الإستعمار والمخطط الصهيونى صدرت الأوامر العسكرية –بضغط من الإستعمار- بحل الجماعة فى (8 ديسمبر عام 1948) وكان عدد أعضائها يومئذ نصف مليون عضو.

نهاية مشرفة لحياة عظيمة حافلة بالعطاء: تم اغتيال الإمام عام (1949مـ) بالقاهرة.

هدف الإمام: أعود هنا لذكر أهداف الإمام فى حياته ... حيث أجاب على سؤال فى مادة الإنشاء وذلك قبيل مغادرتة لدار العلوم ... كان السؤال "إشرح أعظم أمالك بعد إتمام دراستك، وبين الوسائل التى تعدها لتحقيقها" وكانت الإجابة كالتالى ...

"إن أعظم أمالى بعد إتمام حياتى الدراسية أملان:

1- خاص: وهو إسعاد أسرتى وقرابتى

2- عام: وهو أن اكون مرشدا معلما، إذا قضيت فى تعليم الأبناء سحابة من النهار، قضيت ليلى فى تعليم الأباء هدف دينهم ومنابع سعادتهم .. تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، والثالثة بالتجول والسياسة.

وقد اعددت لتحقيق الأول: معرفة الجميل

ولتحقيق الثانى، من الوسائل الخلقية: الثبات والتضحية، وهما ألزم للمصلح من ظله، وسر نجاحه كله .. ومن الوسائل العملية: درسا طويلا، سأحاول أن تشهد لى به الأوراق الرسمية، وتعرفا بالذين يعتنقون هذا المبدأ أو يعطفون على أهله، وجسما تعود الخشونة على ضآلته، وألف المشقة على نحافته، ونفسا بعتها لله صفقة رابحة، راجيا منه قبولها، سائله إتمامها ..

ذلك عهد بينى وبين ربى، أسجله على نفسى، وأشهد عليه أستاذى فى وحدة لا يؤثر فيها إلا الضمير."

انتهت قصة هذا الإمام الجليل المجاهد والذى اعتبره ملكا للأمة كلها ليس للإخوان المسلمين فقط ... فاللهم تقبله عندك فى الشهداء وانفعنا بسيرته.

نلتقى التدوينة القادمة إن شاء الله فى تكملة الكتاب ومعالم المشروع الحضارى للإمام.

السلام عليكم

ليست هناك تعليقات: